ومن خطبه عليه السلام (١)
عند مقتل أبيه الإمام علي عليه السلام
لما قتل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام رقى الحسن بن علي عليهما
السلام على المنبر فأراد الكلام فخنقته العبرة فقعد ساعة، ثم قام
فقال: الحمد لله الذي كان في أوليته، وحدانيا في أزليته، متعظما
بالهيبة، متكبرا بكبريائه وجبروته، ابتدأ ما ابتدع، وأنشأ ما خلق على
غير مثال كان سبق مما خلق، ربنا اللطيف بلطف ربوبيته، وبعلم خبره
فتق، وبأحكام قدرته خلق جميع ما خلق، فلا مبدل لخلقه ولا مغير لصنعه،
ولا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، ولا مستراح عن دعوته، خلق،
ولا زوال لملكه، ولا انقطاع لمدته فوق كل شئ علا، ومن كل
شئ دنى، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو بالمنظر الأعلى
احتجب بنوره، وسمى في علوه، فاستتر عن خلقه، وبعث إليهم شهيدا
عليهم وبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة،
ويحيى من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه
بربوبيته بعد ما أنكروه والحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت،
وعنده نحتسب عزانا في خير الآباء رسول (صلى الله عليه وسلم) وآله، وعند الله
نحسب عزانا في أمير المؤمنين عليه السلام، ولقد أصبنا (٢) به الشرق
والغرب، والله ما خلف درهما ولا دينارا إلا أربعمائة درهم أراد أن يبتاع
(٢) نسخة أصيب.
(١) كفاية الأثر.