ومن حكمه عليه السلام (١)
في التوجيه الإنساني
أيها الناس: إنه من نصح لله وأخذ قوله دليل هدى للتي هي أقوم وفقه
الله للرشاد، وسدده للحسنى، فإن جار الله آمن محفوظ، وعدوه خائف
مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر. واخشوا الله بالتقوى. وتقربوا
إلى الله بالطاعة، فإنه قريب مجيب. قال الله تبارك وتعالى: وإذا سألك
عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون، فاستجيبوا لله وآمنوا به، فإنه لا ينبغي لمن
عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا
والذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله
أن يستسلموا له، ولا ينكرون أنفسهم بعد المعرفة، ولا يضلن بعد الهدى،
واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى حتى تعرفوا بصيغة الهدى، ولن
تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه، ولا تتلوا الكتاب حق
تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف،
ورأيتم الفرية على الله والتحريف، ورأيتم كيف يهوى من يهوى، ولا يجهلنكم
الذين لا يعلمون، والتمسوا ذلك عند أهله، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم،
وأئمة يقتدى بهم عيش العلم، وموت الجهل، وهم الذين أخبركم حلمهم عن
جهلهم، وحكم منطقهم عن صمتهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحق،
(١) تحف العقول لأبي شعبة.
_________________________________________
ولا يختلفون فيه، وقد حلت لهم من الله سبعة، ومضى فيهم من الله حكم،
إن في ذلك لذكرى للذاكرين، واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعايته،
ولا تعقلوه عقل روايته، فإن رواة الكتاب كثير، ورعاته قليل، والله
المستعان.