مـا هـي الأوصـاف الـتـي يـتـمـيـز بـهـا الـمـؤمـن عن الكافر والجاحد ؟
الـــجــــــــــــواب :
هـذا سـؤال عـظـيـم .
بالفرق بين المؤمن وغيره يتميز الحق والباطل وأهل السعادة من أهل الشقاوة .
*
فاعلم أن المؤمن حقاً : هو الذي آمن بالله وبأسمائه وصفاته ، الواردة في
الكتاب والسنة على وجه الفهم لها ، والاعتراف بها ، وتنزيهه عما ينافي ذلك
فامتلأ قلبه إيماناً وعلماً ويقيناً وطمأنينة وتعلقاً بالله .
* فأناب
إلى الله وحده ، وتعبد لله بالعبادات التي شرعها على لسان نبيه صلى الله
عليه وسلم مخلصاً لله بها راجياً لثوابه خائفاً من عقابه .
* شاكراً لله بقلبه ولسانه وجوارحه على نعم الله وإحسانه العظيم الذي يتقلب به في جميع الساعات لاهجاً بذكره .
* لا يرى نعمة أعظم من هذه النعمة ، ولا كرامة أعظم منها .
*
يهزأ بلذات الدنيا المادية ؛ إذا نسبت إلى لذة الإنابة إلى الله ،
والإقبال عليه وحده ، ومع هذا فقد أخذ نصيباً وافراً من لذات الحياة وتمتع
بها لا على الوجه الذي يتمتع به الجاحدون أو الغافلون بل تمتع بها على وجه
الاستعانة بها على القيام بحقوق الله وحقوق عباده .
* وبذلك الاحتساب
والرجاء تمت بها لذاته ، واستراح قلبه واطمأن ، ولم يحزن إذا جائته الامور
على خلاف ما يحب ، فهذا قد جمع الله له بين سعادة الدنيا والآخرة .
أما الجاحد والغافل فهو على خلاف ذلك .
قد جحد ربه العظيم الذي قامت البراهين العقلية والنقلية والعلوم الضرورية والحسية على وجوده وكماله ، فلم يعبأ بذلك كله .
* فلما انقطع عن الله اعترافاً وتعبداً ؛ تعلق بالطبيعة فعبدها ، وصار قلبه شبيهاً بقلوب البهائم السائمة .
* ليس له همة إلا التمتع بالأمور المادية .
* وقلبه دائماً غير مطمئن ، بل خائف من فوات محبوباته ، وخائف من حصول المكاره التي تنتابه .
* وليس معه من الإيمان ما يسهل عليه المصيبات ، وما يخفف عنه النكبات .
* قد حرم لذة الإيمان ، وحلاوة التقرب إلى الله ، وثمرات الإيمان العاجلة والآجلة .
* لا يرجو ثوباً ولا يخشى عقاباً ، وإنما خوفه ورجاؤه متعلق بمطالب النفوس الدنيوية الخسيسة المادية
ومن أوصاف المؤمن : التواضع للحق وللخلق .
والنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم ، قولاً وفعلاً ونية .
والجاحد : وصفه : التكبر على الحق ، وعلى الخلق ، والإعجاب بالنفس . لايدين بالنصيحة لأحد .
المؤمن : سليم القلب من الغش ، والغل ، والحقد .
يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه .
ويسعى بحسب وسعه في مصالحهم ، ويتحمل أذى الخلق ، ولايظلمهم بوجه من الوجوه .
والجاحد : قلبه يغلي بالغل والحقد .
ولا يريد لأحد خيراً ولا نفعاً إلا إذا كان له في ذلك غرض دنيوي .
ولا يبالي بظلم الخلق عند قدرته .
وهو أضعف شيء عن تحمل ما يصيبه منهم .
المؤمن : صدوق اللسان ، حسن المعاملة.
وصفة : الحلم ، والوقار ، والسكينة ، والرحمة ، والصبر ، والوفاء ، وسهولة الجانب ، ولين العريكة .
والجاحد : وصفه : الطيش ، والقسوة ، والجزع ، والهلع ، والكذب ، وعدم الوفاء ، وشراسة الأخلاق .
المؤمن : لا يذل إلا لله ، قد صان قلبه ووجهه عن بذله وتذلله لغير ربه .
وصفه : العفة ، والقوة ، والشجاعة ، والسخاء ، والمرؤة ، لايختار إلا كل طيب.
أما الحاجد : فعلى الضد من ذلك .
قد تعلق قلبه خوفاً من ضررهم ورجاء لنفعهم وبذل لهم ماء وجهه وليس له عفه ولا قوة ولا شجاعة إلا في أغراضة السفلية .
عادم المروءة والانسانية ، لا يبالي بما حصل له من طيب أو خبيث .
المؤمن : قد جمع بين السعي في فعل الاسباب النافعة والتوكل على الله والثقة به وطلب العون منه في كل الامور ، والله تعالى في عونه
واما
الجاحد : فليس عنده من التوكل خبر ، وليس له من نظر إلا إلى نفسه الضعيفه
المهينة . قد ولاه الله ما تولى لنفسه ، وخذله عن اعانته على مطالبه فإن
قدر له ما يحب كان استدراجاً .
المؤمن : إذا أتته النعم تلقاها بالشكر ، وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير .
وغير
المؤمن : يتلقاها بأشر وبطر واشتغال بالنعمة عن المنعم ، وعن شكره ويصرفها
في أغراضه السفلية . وهي مع هذا سريع زوالها قريب انفصالها .
المؤمن :
إذا أصابته المصائب قابلها بالصبر والاحتساب ، وارتقاب الاجر والثواب ،
والطمع في زوالها . فيكون ما عوض من الخير والثواب أعظم مما فاته من محبوب
أو حصل له من مكروه .
والجاحد : يتلقاها بهلع وجزع ، فتزداد مصيبته ويجتمع عليه ألم الظاهر وألم القلب . قد عدم الصبر ، وليس له رجاء في الاجر .
فما أشد حسرته ، وأعظم حزنه ؟
المؤمن : يدين الله بالإيمان بجميع الرسل وتعظيمهم وتقديم محبتهم على محبة الخلق كلهم .
ويعترف أن كل خير ينال الخلق إلى يوم القيامة فعلى أيديهم وبإرشادهم . وكل شر وضرر ينال الخلق ؛ فسببه مخالفتهم .
فهم
أعظم الخلق إحساناً إلى الخلق وخصوصاً إمامهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه
وسلم الذي جعله الله رحمة للعالمين ، وبعثه لكل صلاح وإصلاح وهدايةٍ .
وأما الملحدون : فبضد ذلك . يعظمون أعداء الرسل ، ويحترمون أقوالهم . ويهزئون كأسلافهم بما جائت به الرسل .
وذلك أكبر دليل على سخافة عقولهم ، وهبوط أخلاقهم إلى أسفل سافلين .
المؤمن : يدين الله بمحبة الصحابة وأئمة المسلمين وأئمة الهدى .
والملحد : بالعكس .
المؤمن : لكمال إخلاصه لله ؛ تعالى يعمل لله ، ويحسن إلى عباد الله .
المؤمن
: منشرح الصدر ، بالعلم النافع ، والإيمان الصحيح ، والإقبال على الله ،
واللهج بذكره ، والإحسان إلى الخلق ، وسلامة الصدر من الأوصاف الذميمة .
والجاحد الغافل : ضد ذلك لفقده الأسباب الموجبة لإنشراح الصدر .
للشيخ عبدالرحمن السعدي