التبنِّي إلحاق الرجل ولد رجلٍ آخر باسمه وجعله ولدًا له. وقد مارس العرب التبني في الجاهلية، ثم جاء الإسلام فأبطله، كما جاء في قولهلله تبارك وتعالى: ﴿وما جعل أدعيـاءكم أبناءكـم ذلكـم قولكـم بأفواهكـم واللـه يقـول الحـق وهـو يـهدي السبــيل﴾ الأحـزاب: 4. وأيضًا في قوله تعالى: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تَعمَّدَتْ قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا﴾ الأحزاب: 5 .
إن الإسلام لا يجيز أن يكون ولد الرجل ولدًا لرجل آخر، وهذه الآيات ـ سالفة الذكر ـ نزلت في زيد بن حارثة خادم رسول الله ³ حتى قال الناس زيد بن محمد، فنزلت الآيات تبين أنه لا يمكن أن يكون للشخص الواحد أبوان، كما لا يمكن أن يكون للرجل قلبان فأبطل التبني. وهذا لا يعني أن لا تضم العائلة يتامى الأطفال، فتربيتهم واجبة دون أن يُلحَقُوا بآباء غير آبائهم.
أما التبني في الغرب فيصبح بواسطته شخصان أبوين قانونيين لطفل لم ينجباه، ويربيانه كفرد من أفراد الأسرة. يتم تبني العديد من الأطفال من أقرباء آبائهم الطبيعيين. ويفوق عدد الأسَر الراغبة في التبني، الأطفال المتاحين للتبني في بلدان الغرب. كما أن لعديد من الأطفال المتاحين للتبني حاجات خاصة، أي أنهم مُعاقون بدنيًا أو عقليًا، أو يواجهون مشكلات عاطفية. وتسمح بعض سلطات التبني حاليًا لغير المتزوجين بتبني الأطفال، ويتحتم على الأبوين اللذين ينويان تبني طفل ما أن يرعياه لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، قبل تقدمهما بطلب أمر التبني. وهذا الأمر ـ الذي تمنحه المحكمة ـ يجعل الطفل، في قوانين الغرب الوضعية، أحد أولاد الأبوين. ووفقًا للقانون، فإن للأشخاص المتبنين، الذين تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، الحق في الاطلاع على شهادات ميلادهم الأصلية. ويعني ذلك أنه لا يمكن إخفاء التفاصيل المتعلقة بالآباء الطبيعيين عن الأطفال بالتبني إلى الأبد. ويقوم الآباء بالمناطق الريفية في كثير من البلدان النامية، بإرسال أولادهم للإقامة مع أقارب في المدن.
الوالد بالتَّبنِّي شخص يؤوي في أسرته إلى جانب أبنائه، طفلاً أو أكثر، لهم ظروف خاصة. ويعتني معظمهم بالأطفال الذين في عهدتهم، تحت إشراف وكالة اجتماعية خاصة، أو عامة، مهتمة بقضايا ومشكلات الأطفال والشباب. وتقوم مثل هذه الوكالات ـ في بعض البلدان ـ بإيجاد والِديْن يتبنيان الأطفال، ممن لا يقدر والداهم الشرعيَّان على تقديم العناية المناسبة لهم، إذ يكون الوالدان الشرعيان في بعض الحالات قد آذيا أطفالهما أو هجراهم أو أهملاهم. وهناك حالات أخرى يكون فيها الوالدان ممن يعانون من مرض عقلي أو جسمي طويل الأمد. غير أن فصل الطفل عن أسرته الشرعية، وإلحاقه بأسرته بالتبني، قد لا يكون له وقع سعيدٌ على حياة الطفل. ولذلك يحاول معظم الآباء بالتبني توفير بيئة أسرية مناسبة تساعد على نمو الطفل بشكل طبيعي.
يشترك الآباء بالتبني، والآباء الشرعيون، والوكالات الاجتماعية معًا، في رسم نوع العناية لكل طفل. ويبقى بعض الأطفال المتَبنَّون في بيوت التبني حتى سن البلوغ، إلا أن العديد من الأطفال يعادون إلى بيوتهم الشرعية عندما يصبح آباؤهم الشرعيون قادرين على العناية بهم.
وتشتمل شروط الحكومة على الآباء بالتبني أن يكونوا أصحاء، وأن يكون لديهم سَكَن مناسب، ويتمتعون بصفات شخصية وحياة عائلية كريمة. ويقوم المختصُّون الاجتماعيون بمراقبة الآباء بالتبني والأطفال الذين في عهدتهم. كما تقوم الوكالات الاجتماعية عامة، بدفع جزء من الكساء والغذاء والعناية الطبية التي يحتاجها الأطفال ممن هم تحت إشرافهم.
والإسلام قد حث على كفالة اليتيم ورعاية الضعفاء والمساكين، لكنه حرَّم التبني ونهى أن ينسب المرء إلى غير أبيه. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم﴾ الأحزاب: 5 . وسبب نزول هذه الآية أن قريشًا كانت تقول ¸زيد بن محمد· يعنون زيد بن حارثة. وقد كانت العرب تعامل الدعي وهو الابن بالتبني معاملة الابن من الصلب في كل وجه حتى الخلوة بالمحارم، وتحرِّم الزواج بمطلقة الدعي حتى أنزل الله تبارك وتعالى: ﴿فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرًا وكان أمر الله مفعولا﴾ الأحزاب: 37 . وأكد تحريم زوجة الابن من الصلب في قوله تعالى: ﴿وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم﴾ النساء: 23 .
رعاية الأحداث، أطفال. أطفال رعاية الأحداث هم الأيتام والمشردون الذين يتلقون العناية والإشراف من الدولة، أو أية منظمة من المنظمات المتطوعة في دُوُر خصّصت لهذه الرعاية. ويصبح الأطفال تحت هذه الرعاية بسبب فقدان الوالدين وعدم وجود كفيل يرعاهم، أو بسبب الإعاقة، أو لأن حياتهم الأسرية غير طبيعية. فقد يكون الوالدان منفصلين، أو مطلقين، أو لا يقدران على رعايتهم بسبب المرض، مثلا. كما يهجر بعض الآباء أبناءهم وتتولى الدولة في عدد من الأقطار رعاية الأطفال الخارجين على القانون، حيث يودعون، بناء على أعمارهم، في دور الرعاية، أو مراكز الاحتجاز، أو الإصلاحيات.
تتولى الحكومات في كثير من الدول العربية، وكذلك الحكومات المحلية في إنجلترا وويلز وأسكتلندا، مسؤولية إعاشة وتعليم أطفال الرعاية. وتقع هذه المسؤولية في أيرلندا الشمالية، على عاتق مجالس المناطق التابعة لمصلحة الصحة والخدمات الاجتماعية.
وتتولى السلطات المحلية رعاية الأطفال في دور الرعاية، التي تديرها هذه السلطات نفسها، أو تشرف عليها منظمات متطوعة. وتضم هذه المنظمات منظمات معروفة مثل منظمة دكتور بيرناردو والدار القومية للأطفال، والجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال، (إن إس بي سي سي). تختص بعض دور الأطفال برعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كالمعوقين جسديًا. ويعيش أطفال كثيرون مع آباء مربين، وهم آباء يتم اختيارهم لتربية الأطفال، دون أن تكون لهم صلة قرابة بهم.
يشمل قانون رعاية الأطفال في جنوب إفريقيا خدمات التأهيل والتربية والتبني والرعاية المنزلية. وتتولى محاكم الأحداث عملية إيداع الأطفال في دور الرعاية. وتدعم حكومة جنوب إفريقيا دور رعاية الأطفال، كما تخصص لها منحًا مالية.
تقع مسؤولية رعاية الأطفال في أستراليا على عاتق الولايات. حيث تقوم حكومة كل ولاية، بجانب توليها مسؤولية التبني، بوضع الأطفال في كنف آباء مربين، وفي دور الإقامة.
وفي جمهورية أيرلندا، تنوب المجالس الطبية الرسمية عن الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة أو الإهمال في الحالات التي تعرض أمامها تحديدًا. وتملك هذه المجالس سلطة نزع الأطفال من الآباء الذين يعرضونهم للأذى الجسدي. تعمل المنظمة الخيرية كير (كلمة مركبة من الأحرف الأولى من اسم المنظمة باللغة الإنجليزية، وترجمته: حملة من أجل رعاية الأطفال المحرومين في هذا المجال) وقد تأسست المنظمة في عام 1970م بسبب انتشار مشاكل الأطفال المحرومين في أيرلندا. وهي تكمل عمل المنظمة الأيرلندية الرئيسية لرعاية الأطفال، أي الجمعية الأيرلندية لمنع القسوة على الأطفال (آي إس بي سي سي).
نبذة تاريخية. أجاز البرلمان البريطاني القوانين الخاصة برعاية الأطفال والحفاظ عليهم في منتصف القرن التاسع عشر. وازداد الاهتمام بمشكلة القسوة في معاملة الأطفال في أواخر القرن. فأسس الدكتور توماس بارناردو، أول دار له لرعاية الأطفال في عام 1870م في لندن. ثم تأسست الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال إن إس بي سي سي. في عام 1884م، وكان إيْرل شافتيسبوري هو أول رئيس لها.
أجيز عدد من القوانين في بريطانيا منذ عام 1908م وحتى الآن، بغرض تحسين معاملة ورعاية الأطفال. وتقضي التشريعات الحديثة، بأن تعطى مصلحة الأطفال الأفضلية في كل النزاعات التي تخصهم.